يُعتبر العيب في السلوك الاجتماعي عند مختلف المجتمعات بشتى أقطار الأرض معيارًا أو ضابطًا للسلوك الاجتماعي عند كل مجتمع. ولكنّ لهذا العيب أساسًا نابعًا من ثقافة كل مجتمع أو جماعة؛ نابعًا من موروثات وممارسات ومعتقدات خاصة بكل مجتمع، بالإضافة إلى القوانين التي يَحتكم إليها الجميع. فلا يمكن أن نحكم على ذلك العيب من منظار أو معيار مجتمعٍ آخر.
وكمجتمعٍ مسلم، فالمظلّة الرئيسة للسلوك الاجتماعي هو الشرع الذي يتبعه سائر أفراد المجتمع. فقد جاء الشرع متقبِّلاً وموافقًا لبعض الأعراف والعادات الاجتماعية التي لا تتعارض مع الأصول أو التي ألغاها بحكمٍ شرعي.
التغيّر الاجتماعي نافذٌ لا يتوقّف ونقصد به التغير التطوري غير القسري وغير المستورد والمبني على تطور الحياة واحتياجات البشر في ذلك المجتمع. هذا يعني أن ذلك التغير سيكون مقبولًا لديهم وسيحدث تصادمًا بين فئاته المختلفة، أو سيشرذم المجتمع إلى فرق وجماعات.
العيب أحد مكوّنات ضوابط السلوك الاجتماعي وهذا ما يجب أن يستوعبه الجميع ويتقبّله. وما نلاحظه اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي هو إقصاء بعض السلوكيات التي قبلها المجتمع. وهذا نابع من أمرين مهمين:
الأول: استمرار الموروثات التي أُلصقت بالشرع وهي ليست منه في شيء، ولكن بحكم تعاقب الأجيال في النقل ظلّ موجودًا.
والثاني: هو حكم البعض على العيب الاجتماعي أنه خطأ من منظور ثقافي مستورد لمجتمعاتٍ أخرى. فليس الأول بصحيح لأنه يتعارض مع الشرع اصلًا. ولا الثاني كذلك لأنه استورد معيارًا ليس من ثقافة أو معتقدات المجتمع.
فحتى تلك المجتمعات المسمّاه بـالمجتمعات المتطوره لا تقبل استجلاب معايير من مجتمعات أخرى قسريًا وإلزام المجتمع بها، بدليل أن أية أقليّة تهاجر إلى مجتمع كبير تنصهر فيه وتتقبّل مكوّناته الثقافية وقوانينه لأنها تعيش في مجتمع الأكثرية. وفي نفس الوقت تحافظ على نسيجها الاجتماعي الخاص بما لا يتعارض مع المجتمع الذي يعيشون فيه.
إذاً، ما هو الفيصل في هذا الصراع والخلاف بين مكونات المجتمع للمحافظة على تماسك المجتمع ومتانته أم التغير الاجتماعي. فالمشرِّع للأنظمة عندما يحضر في ذهنه ما ذُكر سابقًا، فأننا سنشهد عملية التغير الاجتماعي تحدث بهدوء، بدون صراع بين مختلف مكونات المجتمع دون المساس بثوابته. فالعيب الموافق للمعتقد الأساسي للمجتمع، والشرع وأحكامه، والقوانين المنظمة للتعاملات كلها تشكّل مُجتمِعة مرجعًا لذلك التغيّر المقبول اجتماعيًا.