التربية لها أدوات ووسائل وطرق متعددة تختلف باختلاف المرحلة العمرية وباختلاف المواقف. وهي مهمة ليست بالهينة أو السهلة. يجتهد الآباء في ذلك، ولكن من أبرز ما يخطئ فيه الآباء خلال التربية تلك “التوقعات” العالية التي ينتظرونها من الأبناء.
أو التوقعات؟ هي ما يأمله الآباء من أبنائهم خلال مواقف الحياة. غير أن الآباء يتناسون عدّة أمور، ومنها:
مقدار الإدراك والخبرات لدى الأبناء: يغفل الآباء عن أن الأبناء لا يزالون في مقتبل العمر، وأن خبراتهم لا تسعفهم في إدراك المواقف والتصرّف حيالها. إن الممارسة السلوكية لن تكون في كل المواقف صحيحة، وعلينا إدراك ذلك فلا نرفع سقف التوقعات من أبنائنا، ونحاسبهم على ذلك.
اختلاف قدرات الأبناء: لم يخلق المولى سبحانه وتعالى البشر طبقًا لميزانٍ واحد؛ عقليًا ونفسيًا واجتماعيًا. وعليه فإن الأبناء لن يكونوا على شاكلةٍ واحدة، فقدراتهم وأمكانياتهم وبناؤهم النفسي تختلف من واحد لآخر.. حتى وإن كانوا إخوة فعلى توقعاتنا ألّا تنظر بمستوى واحد وبمعيار واحد لجميع أبنائنا.
المرحلة العمرية: مراحل عمر الأبناء تؤثر كثيرًا بمستوى النضج ومستوى إدراك التوجيهات وأساليب التربية. فالطفل غير المراهق يختلف عن الشاب. فيجب ألّا تتساوى أساليب التربية بين الأبناء بمختلف أعمارهم.
أسلوب التربية: نحن من نصنع شخصيات الأبناء من خلال توجيهاتنا وطرق التعامل معهم في مواقف الحياة، مما يعني أننا نتحمّل مسؤولية إدراكهم وتمكّنهم من التصرف بشكل سليم مع المواقف المختلفة.
طريقة التعامل مع الأخطاء: إن أسلوب التوجيه والمحاسبة لأخطاء الأبناء تؤثر بشكل كبير في قدرة الأبناء على التعامل مستقبلًا مع المواقف. ومدى تعلمهم من ذلك التوجيه حتى لا تتكرر الأخطاء، وبالتالي يرتفع مستوى التعلم.
المقارنات مع الأقران: وهذا الأسلوب شائع عند الآباء في مقارنة أبنائهم مع أقرانهم وخاصة الأقارب، وهذا يجعل الأبناء تحت الضغط والتوتر النفسي.
غياب لغة الحوار: يعتبر أسلوب الحوار من أرقى أساليب التربية التي تؤثر على المدى القصير والبعيد، وتحافظ على البناء النفسي للأبناء، ويعزز ثقتهم بأنفسهم ويكون علاقة إيجابية بين الآباء والأبناء.
وهذا ما يحتّم على الآباء أن يعوا أهمية هذا الأسلوب وقيمته في تربية الأبناء. الإنسان خطئًا: هناك حقيقة يغفل عنها الآباء خلاصتها أن الإنسان بطبعه خطئ بغض النظر عن عمره ومستوى إدراكه. والدرس ليس في ألّا يخطئ الأبناء. الدرس الحقيقي هو أن يتعلم الأبناء من أخطائهم؛ فلا تتكرر.
إن التربية مسؤولية كبيرة تحتاج معرفة وثقافة كبيرة من الآباء، وهي عملية تراكمية مستمرة. كلما كانت صحيحة زاد مستوى نضج الأبناء وتعلّمهم. هي حلقات متواصلة خلال مراحل الأبناء العمرية، وأي خلل في أي حلقة سيؤثر على الحلقة التالية.
وختماً، ليتذكّر الآباء أن التربية مسؤولية تحتاج إلى جهد واجتهاد وصبر وعدم تعجّل الثمار.