في كتاب الله تعالى، جاءت دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام في محكم التنزيل لتكون مرشدةً لنا جميعًا. وقد قال تعالى: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ” (البقرة: 126). هذه الدعوة تشدد على أهمية تحقيق الأمان في المجتمع وكيف ينبغي للأفراد المساهمة في تحقيق هذا الأمان.
الأمان ليس أمرًا عابرًا، بل هو حجر الزاوية في بناء مجتمع مستدام. لاحظنا من خلال الأحداث الأخيرة كيف تأثرت طمأنينة العباد وأمن البلاد بسبب تصاعد الجريمة والانحراف. ومن بين هؤلاء الذين أثروا سلبًا على الأمن والاستقرار في المجتمع، هم فئة الشباب والمراهقين الذين وقعوا في شراك الشياطين وأعداء الوطن.
من أين جاء هذا الانحراف؟ ومن المسؤول عنه؟ دعونا نكون جريئين ونقول: “نحن، يا معشر الآباء، نحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية”. عندما نبتعد عن أبنائنا ونهملهم، فإننا نتركهم عرضة للاختطاف من قبل العناصر السلبية في المجتمع. لا يكفي أن نقول “الحافظ الله” فقط، بل يجب أن ندرك أننا رعاة وكل راعٍ مسؤول عن رعيته.
إن الحياة تتغير وتعقد، وتسبب في انصرافنا عن أبنائنا. وفي الوقت نفسه، يجب علينا أن ندرك أن وسائل التربية وأساليبها يجب أن تتغير أيضًا. لم تعد عملية التربية تقتصر على الأوامر والنواهي فقط، بل هناك جوانب أخرى ينبغي مراعاتها.
علينا أن نكون واعين بما يحدث لأبنائنا ولماذا يصبحون عرضة للانحراف. دعونا ننظر فيما حدث مؤخرًا، حيث رأينا شبابًا يتلاعبون بالدين ويحرضون على العنف والتطرف. لماذا؟ لأنهم أصبحوا ضحايا لأفكار متطرفة ومشوهة.
لنلقِ اللوم على أنفسنا ونتحمل المسؤولية. بالرغم من أن هناك قصورًا في دور المدرسة والمؤسسات التعليمية، إلا أننا كآباء نحمل مسؤولية كبيرة في توجيه أبنائنا وتوجيههم نحو السلوك الصحيح والقيم الإيجابية.
هل يمكن أن نقوم بثورة أبوية لاستعادة السكينة والأمان لأبنائنا؟ بالتأكيد يمكن. إن هذه الثورة تبدأ من داخل كل منا، وتتطلب تفكيرًا جادًا وجهدًا جماعيًا. يجب أن نتواصل مع أبنائنا، نسمعهم، ونوجههم نحو القيم الصحيحة. علينا أن نتحلى بالصدق والحنان في تربية أبنائنا وتوجيههم في الحياة.
فلنعمل معًا لتحقيق الأمان والاستقرار في مجتمعنا، ولنكن أمثالًا حية لأبنائنا في طريقهم نحو تحقيق الأمان والنجاح.