التربية ليست أوامر ونواهي

الآباء في حياتهم مسؤوليات كبيرة ومتعددة، ومن أهم تلك المسؤوليات هي تربية الأبناء. فهل كل الآباء (الأب والأم) لديهم القدرة والمعرفة الكافية لتربية أبنائهم؟ في غالب الأحوال، يعتقد الآباء أن التربية مجرد أوامر ونواهي للأبناء، والكثير منهم لا يعرف منها سوى العقاب البدني.

لكن في الحقيقة، التربية هي منهج حياة. إنك تعمل على بناء إنسان له عقل ومشاعر، ورغبات، وشخصية. الأبناء يختلفون في شخصياتهم وتفكيرهم، لذا أول ما يجب على الآباء معرفته في التربية هو أن أسلوب التوجيه وضبط السلوك متغير بتغير الأبناء وجنسهم وعمرهم والموقف الذي هم فيه.

والثاني: الأثر الذي يمكن أن يحدث في شخصية الأبناء يختلف بحسب تلك الاختلافات. كمثال، عندما يشعر الأبن بأنه مظلوم، فتقبله للنوجية أو للقرار قد يكون غير متوقع منه فيتفاجئ الآباء بردة فعله، لأنه يرى أنه على حق. فعلى الآباء التبصر في تفاصيل تلك المواقف قبل إصدار التوجيه أو الضبط لسلوك الأبناء في المواقف.

كما أن لشخصية الأبناء تلعب دورًا كبيرًا في ذلك. الأبناء الذين يتمتعون بقوة شخصية وعقلانية في التفكير يجب أن تعمل حساب تلك السمات الشخصية ولا تحاول أن تتغلب عليها بحجة أنك الأب وهو الابن لأنك هنا تكسر ولا تجبر شخصية ابنك.

الثالث هو التوجيه. فليس في كل المواقف تعطي أوامر، التوجيه يمثل شرحًا للموقف وما كان يجب على الأبن كيف يتصرف في الموقف.

الرابع: تكلفة الاستجابة، ويقصد به أن تجعله يتحمل مسؤولية الخطأ الذي ارتكبه الأبناء وأن يعلم أن ذلك جزاء ما ارتكبه من خطأ أو ذنب.

الخامس: التعود على الاعتراف بالخطأ وإصلاح ما قام به من خطأ حتى تتعود نفسه على التهذيب والتأدب مع الآخرين والمحافظة على حقوقهم.

السادس: اسلوب الترغيب والترهيب عندما يقع الأبناء في سلوك غير صحيح. إنه اسلوب في جانب يحمل إيضاحًا للأبناء ما كان يجب عليهم فعله وأهمية التصرف بطريقة صحيحة وعدم اللجوء إلى تبرير أخطائهم دفاعًا عنها.

في الجانب الآخر، الترهيب ليس بصورته الذهنية النمطية وهي العقاب. فشرح الآثار السلبية المترتبة عليه من عقاب وجزاء من الآخرين يعد ترهيبًا له بعدم العودة إلى فعل ذلك السلوك (إذا فعلت ذلك مرة أخرى ستحاسب منهم بشكل أكبر).

التربية لا يمكن حصرها بمقال واحد أو سطور مثل هذه السطور بل هي كما قلنا منهج حياة ينشئ على أساسه الأبناء لتنمو شخصياتهم بشكل سوي.

تذكروا أن الأبناء ليسوا حقل تجارب، ليسوا سواء بشخصياتهم. العقاب ليس هدفًا، إنما هو وسيلة لتعديل السلوك. الأبناء يختلفون في احتياجاتهم وتفضيلاتهم.

عليكم أن تخبروا الأبناء عند عقابهم بمبرراتكم في ذلك والذنب الذي ارتكبوه. يجب أن تعلموا أن الجزاء من جنس العمل.

ليس بالضرورة أن تكون تجارب الآخرين مع أبنائهم تصلح لأبنائك. عدم وجود تناقض بين الأبوين في التعامل مع الأخطاء. بعض الأبناء يحتاجون إلى حزم في التعامل، خاصة لمن تكثر أو تتكرر أخطائهم. التعاطف في غير محله يعزز السلوك الخاطئ. عندما لا يقتنع أحد الأبوين بأسلوب أبنه خطأ، يجب أن يكون هناك مناقشة بين الأبوين بعيدًا عن مسامع الأبناء.