الجميع يتحدث عن كثرة حالات الطلاق في الآونة الأخيرة. تنامت ظاهرة الحل الواحد للحياة الزوجية المتعثرة والمبررات الكاذبة له بإشهار سيف: “الطلاق” أو “الخلع” أو الانفصال. لا تهم التسمية، فالنتيجة واحدة ألا وهي تهلهل نسيج الأسرة وتفككها وضياع أفرادها، وخاصة الأبناء بين المحاكم والبيوت المتعددة عند الأب مرة وعند الأم مرة.
لقد ارتفع معدّل الأنانية بين الزوجين، وطغت المصلحة المادية. كل طرف يبحث عن مكاسبه وحده، وكأن الآخر غنيمة يجب أن يربح منها أكبر قدر ممكن. قد ضرب النسيان، في حومة الخلاف والتقاضي، على قيمة الحياة الأسرية وعلى حضور الأبناء فيها وعلى أمانهم النفسي والاجتماعي.
ويزيد النار اتّقادًا أن لكل طرف مشجعيه ممن ينفخون في نار الخلاف ويرمون فيها من الحطب أخضره ويابسه.
إن نواتج هذه الحال المنتهية بالطلاق والفراق كارثية على المجتمع.
أبرز مبررات الطلاق أو تصدّع الأسرة هو الشعور بالاستغناء والاكتفاء وانتفاء حاجة كل طرف للآخر، وتأكيد هذا بالعديد من المبررات. بما يؤشر إلى اختفاء الحلول التي تسود في مثل هذه الحالات والمواقف والداعية إلى الصبر والتغاضي وتدخّل العقلاء والتنازل والتسامح.
للأسف إن اغلب المبررات ليست منطقية ولا جوهرية. فقد أصبح كل طرف ينتظر الخطأ أو التقصير، لتنتصب راية الخلاف الأجوف والوهمي؛ وصولًا إلى هاوية النهاية المأساوية.
نحن بحاجة إلى وقفة جادة على كافة الأصعدة لإيقاف هذا الهدر الاجتماعي. أصحاب الفكر وأصحاب القرار مدعوّون إلى البحث بإيجاد آليات وحلول ناجعة بديلة تبعد شبح أبغض الحلال. إن الآليات المتبعة الآن في حل الخلافات الزوجية أثبتت أنها غير مجدية في إيقاف تداعيات تلك الخلافات وارتطامها بالطلاق.